إعلام العدو: إحصائيةٌ مؤلمة.. 900 جريح جديد إلى المستشفيات
البيضاء نت| عبدالقوي السباعي
فيما أعلنت قيادةُ حزب الله، توافُقَ مجلس الشورى على انتخاب “الشيخ نعيم قاسم” أمينًا عامًّا للحزب؛ وسط مباركات شعوب وقيادات وقوى محور الجهاد والمقاومة، أجرى الطيران المسير التابع للمقاومة الإسلامية، مسحًا جويًّا لمناطق الحافة الأمامية جنوبي لبنان، مؤكّـدًا انسحاب قوات العدوّ الإسرائيلي إلى ما وراء الحدود.
وفي التفاصيل؛ أفادت تقارير إعلامية مختلفة، بأن قوات الاحتلال الصهيوني انسحبت من المناطق التي تقدمت إليها في مختلف القرى والبلدات على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلّة وخَاصَّة “حولا ومركبا ميس الجبل وبليدا والعديسة”، في إطار عدوانه البري الذي بدأه قبل شهر من الآن، وأظهرت الصور الاستطلاعية قيامَ العدوّ بإغلاق بعض الثغرات التي كان قد فتحها وتسلَّل منها.
ولفتت التقارير إلى أن الهدفَ من وراء انسحاب قوات العدوّ وآلياته العسكرية من هذه المناطق؛ بغية نشرها داخلَ المغتصبات الصهيونية بعيدًا عن الحدود اللبنانية بعمقٍ يتراوح من 5 إلى 10 كلم؛ خشيةً من استهدافها المتواصل بالصليات الصاروخية المركَّزة والمسيَّرات الانقضاضية؛ ما كبَّدها خسائرَ فادحة في العديد والعتاد.
جيش اجتاح سيناء والجولان بساعات.. يقف عاجزًا على أعتاب “مارون وجبيل”:
بعد أكثر من عامٍ من (طُـوفَان الأقصى)، يرى مراقبون أن إنجازات “الجيش الذي لا يُقهَرُ”، والجيش الأكثر التزامًا بالمعايير الأخلاقية”، كما يحب الصهاينة توصيفه؛ هي إنجازاتٍ هُلامية لا أَسَاس لها في الواقع؛ فلا انتهت المقاومة في غزة ولا تضرر حزب الله في الشمال، ولا عاد السكان شمالًا وجنوبًا، بل زادت دائرة الإخلاء وفراغ المغتصبات الصهيونية.
ويقارن خبراء عسكريون، بين ما هو ماثل اليوم، ما كان عليه بالأمس، فخلال العدوان الثلاثي 1956م، اجتاحت قوات العصابات الصهيونية “شبه جزيرة سيناء” كاملة، في 100 ساعة، ثم كرّرت نسختها الخَاصَّة على 3 جبهات عربية عام 1967م؛ فسيطرت على سيناء والضفة الغربية بما فيها القدس الشريف، وغور الأردن وهضبة الجولان السورية في 6 أَيَّـام فقط، ليسيل لعابها أكثر فتجتاح 1982م، جنوبي لبنان ووصلت إلى “بيروت”، خلال 96 ساعة فقط.
لكن؛ وبعد ظهور حزب الله واشتداد ضرباته، وصول العدوّ للنزيف اليومي؛ ما اضطره للانسحاب لأول مرة من أرضٍ عربية من دون معاهدات استسلام أَو غيره، وحين أراد كيان الاحتلال استعادة هيبته في حرب تموز/يونيو 2006م، لم تصل القوات الصهيونية إلى بلدة “بنت جبيل”، ولم تسيطر على “مارون الراس”، وتحول “وادي الحجير” إلى مقبرةٍ لدبابات “الميركافا”، وقدم أبطال حزب الله دروسًا في الصمود الأُسطوري لمدة 33 يومًا.
وبحسب الخبراء أنها كانت كافية ليقتنع العدوّ أنه لن يجد في الجنوب اللبناني إلا الموت الزؤام، ولن يعود منه إلا محمولًا على التوابيت، فخلال الـ24 الساعة الماضية، واجه جيش العدوّ الإسرائيلي صعوبات في التموضع بالمناطق التي تسلل إليها؛ بفعل الاستحكام الناري لرجال الله أبطال المقاومة، وقدرتهم على قنص دباباته وآلياته وخطف أرواح ضباطه وجنوده.
إذ تؤكّـد المعطيات الميدانية، فشل جيش العدوّ في هذه المرحلة من عمليته البرية، حَيثُ انسحب بعد شهرٍ من المواجهات مع المقاومة، من المناطق التي تقدم فيها تحت غطاءٍ جوي تدميري هائل، انتهى من دون سيطرة فعلية على بلدات الحافة الأمامية.
وبحسب خبراء عسكريون، فقد قيّد استهداف المقاومة الصاروخي للتجمعات العدوّ العسكرية في المغتصبات الشمالية حركة القوات، ومنعها من التنقل المريح، وأجبرها على اتِّخاذ تدابير التخفي على نطاق واسع؛ ما انعكس سلبًا على المرحلة الأولى من عمليتها البرية.
وأشَارَ الخبراء إلى أن ثبات القوة الصاروخية للمقاومة على وتيرة تصاعدية في استهداف هذه التجمعات أرهق القبة الحديدية وأنظمة الاعتراض الجوي، وَ حَدَّ من قدرتها على العمل بفعالية، وسط تقاريرَ عبرية تتحدث عن تراجع مخزون الصواريخ الاعتراضية؛ ما ينذر بانكشاف جميع المنشآت العسكرية والأمنية في كيان الاحتلال أمام صواريخ المقاومة وطائراتها الانقضاضية.
العدوّ يستعد لاستئناف مناورته الهجومية والمقاومة تسبقه بخطوات:
وفي تفاصيل الانسحاب الذي عدته وسائل إعلام عبرية بـ “التكتيكي”، مشيرةً إلى أن جيش العدوّ نفذ، ليل الاثنين، مناورة خداعية كبيرة على مستوى المحورَينِ الثالث والرابع التابعين للفرقتَينِ “98 وَ، 91″، حَيثُ استكمل خطوة إعادة تنظيم وترتيب ونشر قواته على مستوى الفرقتَينِ بشكلٍ تقني وعلى مستوى منطقتَي عمليات الفرقتين بشكلٍ تعبوي.
وفقًا للتقارير، قام العدوُّ بسحب معظم استعداداته العاملة في (كفر كلا – العديسة – رب ثلاثين – الطيبة – مركبا – حولا – ميس الجبل – بليدا) وأظهر من خلال هذه الخطوة الخداعية أنه انسحب بفعل الضربات التي تلقاها طوال الأسبوع الماضي.
وبدا للمراقبين أن العدوّ يتحضر للإعلان عن خطوة كبيرة على مستوى المناورة الهجومية ككل، إلا أن المقاومة التي كانت سبقت عدوها الأسبوع الماضي، بخمس خطوات من خلال الإطباق المعلوماتي الذي كانت تمتلكه على مستوى الجبهة ككل، وقامت بعدة عمليات استطلاع بالقوة والنار في المحاور الثلاثة الباقية.
حيث تعرضت المقاومة في المحور الأول منطقة مسؤولية “الفرقة 146” بشكلٍ عنيف لنقاط التجمع في المستعمرات الملاصقة لـ “علما الشعب والظهيرة ومروحين”، ثم تعرضت على المحور الثاني منطقة مسؤولية “الفرقة 36” بالتجمعات الملاصقة لـ “عيتا الشعب ومارون الراس وعيترون”.
وبحسب بيانات المقاومة فقد نفذ رجال الله تعرضًا ثالثًا في منطقة مسؤولية “الفرقة 210” استهدفوا فيها مناطق “العمرا والوزاني والمطلة” ونفذوا مسحًا استخباريًّا للمحاور الثلاثة، فتبين لها أن التجمعات الموجودة في “المطلة وكفر يوفال وكفر جلعادي ومعيان باروخ”، تتخذ “شكل استعداد هجومي بنسقين يوازي استعدادهما 5 إلى 6 كتائب مشاة وكتيبة مدرعة”.
ووفقًا لخبراء عسكريين، فَإنَّ اتِّخاذ وضعية الاستعداد الهجومي في منطقتَي عمليات الفرقتين “98 و91″، يشي بعملية خداع عسكرية كبيرة هدفت إلى إخفاء نوايا العدوّ بتنفيذ عملية تعرضية هجومية كبيرة مستفيدة من الليل الحالك الظلمة؛ بسَببِ دخول الشهر القمري في آخر الربع الأخير منه، حَيثُ ينعدم الضوء نهائيًّا؛ مما يسهِّلُ على العدوّ العمليات بالاستفادة من أجهزة الرؤية الليلية الحديثة التي زُوِّدَ بها.
ورأى الخبراء أن هدف العملية كان الضغط في جنوبي غربي المحور الخامس في منطقة عمليات “الفرقة 210″، باتّجاه “سهل الخيام” الاستراتيجي وتطوير ذلك التعرض الهجومي إلى عملية هجومية باستعداد لواء بعدة اتّجاهات، غير أن المقاومة أتمت تفعيل الاستعداد اللازم لكبح جماح أي جهد رئيسي معادٍ وتجهيز العدة اللازمة لاستقبال لائق لهذا التعرض الهجومي المتوقع.
وبحسب بيانات المقاومة، لم يمهل رجال الله القوة المتوغلة، واستهدفوها أربع مرات بصلياتٍ من الصواريخ ورشقات من القذائف المدفعية الثقيلة، واستهدفوا أكثر من دبابة “ميركافا” من الاستعداد الموجود في “تلة الحمامص” بصاروخ موجه؛ ما أَدَّى إلى إحراقها ومصرع طاقمها واشتعلت المواجهة التي أعدت لها المقاومة جيِّدًا ولم تستمر المواجهة أكثر من 30 دقيقة، اضطرت قوات العدوّ بعدها -بحسب تقارير عبرية- إلى الانسحاب تحت النار باتّجاه أحد المنخفضات ويدعى “وادي العصافير”.
قراءة تحليلية لسلسلة بيانات المقاومة خلال الـ24 الساعة:
في الإطار؛ ووفق معطيات الوضع الميداني ومن خلال البيانات الصادرة عن الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية في لبنان، والتي بلغت حتى كتابة هذا التقرير (30 عملية)، توضح تفاصيل سير المعارك على طول الجبهة الجنوبية اللبنانية مع فلسطين المحتلّة، والاستهدافات المتنوعة في شمال ووسط الكيان.
نلاحظ وعلى المستوى التكتيكي، مستوى نجاح المقاومة في صد التقدم البري للعدو وتُؤكّـد فشله في احتلال أية قرية لبنانية بشكلٍ كامل، رغم محاولاته المُتكرّرة والمُكلفة، كما تُظهر عمليات المقاومة تكتيكًا واضحًا من خلال نصب الكمائن والاعتماد على العبوات الناسفة والهجمات المُفاجئة والانسحاب السريع.
اللافت في بيانات الثلاثاء، أن المقاومة لا تقتصر على استخدام الصواريخ فقط، بل تُوظف مجموعة مُتنوعة من الأسلحة تتراوح بين الأسلحة الخفيفة والمُتوسطة والصواريخ المُوجهة والقذائف المدفعية، وهذا يشير إلى وجود تنسيق فعال بين وحدات المقاومة المختلفة (القوة الصاروخية، القوة الجوية، وحدة الدفاع الجوي، والقوة البرية) وقدرتها على العمل بشكلٍ متكامل.
ويبدو للمراقبين أن المقاومة تتخذ من استراتيجية الاستنزاف أُسلُـوبًا متميزًا على المستوى التعبوي؛ فهي تهدف بشكلٍ واضح إلى استنزاف قوات العدوّ وإلحاق أكبر قدر ممكن من الخسائر في صفوفها لتثبيط عزيمتها وإجبارها على التراجع، كما أن استهداف القواعد والمنشآت العسكرية الصهيونية في عمق فلسطين المحتلّة يعكس رغبة المقاومة في نقل المعركة إلى الداخل المحتلّ وزعزعة الشعور بالأمان لدى المستوطنين الصهاينة؛ كونها تدرك أهميّة الحرب النفسية في هذه المواجهة.
ميدانيًّا؛ يواصل مجاهدو المقاومة الإسلامية تصديهم البطولي لجنود الاحتلال على كافة محاور القتال جنوبًا، محقّقين في صفوفهم إصابات كبيرة ومؤلمة، وهو ما أعلنته صحيفة “إسرائيل اليوم” العبرية، الثلاثاء، بالقول: “إنها إحصائية مؤلمة، نُقل نحو 900 جريح جديد إلى المستشفيات منذ بدء العملية البرية في لبنان”.
كما تتعرض المغتصبات والمدن المحتلّة إلى استهداف يومي ومُستمرّ بصليات صاروخية كبيرة ضمن وتيرة متصاعدة في إطار المعادلة التي أعلن عنها الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم؛ إذ أعلن الثلاثاء، عن مصرع صهيوني جراء سقوط صاروخ في “معالوت ترشيحا بالجليل الغربي”، وأفَاد “مستشفى الجليل” في “نهاريا” بوصول 13 مصابًا.
وأعلنت غرفة عمليات المقاومة، مساء الاثنين، أن حصيلة خسائر العدوّ بلغت -وفق ما رصده مُجاهدوها منذ بدء ما أسماه العدوّ “المناورة البريّة”- ما يزيد عن 90 صريعًا وأكثر من 750 جريحًا من ضباط وجنود جيش العدوّ الإسرائيلي.
وأشَارَت إلى “تدمير 38 دبابة ميركافا، و4 جرّافات عسكريّة وآلية هامر وآلية مُدرّعة وناقلة جند، وإسقاط 3 مسيّرات من طراز “هرمز 450” وواحدة من طراز “هرمز 900″، مؤكّـدةً أن “هذه الحصيلة لا تتضمن خسائر العدوّ الإسرائيلي في القواعد والمواقع والثكنات العسكريّة والمستوطنات والمدن المحتلّة”.