الإبادةُ بالتجويع والخِذلان العربي
البيضاء نت |مقالات |د. شعفل علي عمير
لم يكن للآلة العسكرية الصهيونية حدود قانونية أَو أخلاقية في استهدافها للشعب الفلسطيني في غَزّة؛ فلم تستثن أي شيء، ولم يكن هناك أي رادع لا ديني ولا قانوني ولا أخلاقي، بل عمد أَيْـضاً إلى أُسلُـوب التجويع كأحد أدوات القتل الجماعي؛ فهم بذلك يمثلون خطراً على كُـلّ الأمم؛ لأَنَّهم ربطوا كُـلّ إجرامهم بالطابع الديني لديهم، الذي يجيز بل ويأمرهم بأن يجعلوا كُـلّ الأمم وخَاصَّة الأُمَّــة العربية والإسلامية عبيداً لهم؛ فهذا دينُهم وتاريخهم ومنهجُهم في التعاطي مع غيرهم من شعوب العالم، ولأنهم كذلك فَــإنَّ الواجب على العرب بأن يحذروا كُـلَّ الحذر من هذا العدوّ الذي لا حدود لأطماعه كما لا حدود لطغيانه وجرائمه، ليس من منطلق الدفاع عن النفس فحسب ولكنه امتثال للأمر الإلهي، وقد أكّـد السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله- بأنه “لا يمكن للعرب أن يتنصلوا عن مسؤوليتهم فلذلك تبعات خطيرة عليهم في الدنيا وفي الآخرة”، تبعات عليهم في أمن ومصالح العرب والمسلمين على حَــدٍّ سواءٍ؛ ولأن الأُمَّــة مستهدَفة من قِبل هذا الكيان فَإنَّ عليهم تحمل المسؤولية أولاً في مناصرة إخوانهم المظلومين في غزة؛ فهم يمثلون الدرع العربي وخط الدفاع الأول عن الأُمَّــة، وثانياً العمل على نشر الوعي الديني الذي يمثل جانباً مهماً في حماية المجتمع من الاختراق الفكري الذي أحدثه الكيان الصهيوني في الغرب، إلَّا أنه رغم كُـلّ الجهود التي يبذلها اليهود لاختراق المجتمعات الغربية والأمريكية نجد سجينًا أمريكيًّا يعمل لمدة ١٣٦ ساعة كعامل تنظيف في السجن للحصول على مبلغ قدره ١٧ دولارًا ليتبرع بها لأهل غزّة الذي يفصله عنهم آلاف الأميال، والذي لا يربطه بهم دين ولا قومية بينما يشارك الصهاينة العرب في تجويعهم رغم كُـلّ ما يربطهم من روابط الدين والعروبة والجغرافيا، وما يشهده العالم من ثورة في الوعي بخطر الكيان الصهيوني على العالم أجمع يعد ثمار السابع من أُكتوبر وجزءاً هاماً من انتصارات المجاهدين في غزّة فقد أحيت الضمير العالمي.
إن الإنسانية ليست مقتصِرةً على جنس أَو تيار أَو دين، بل إنها فطرةٌ فطر الله الإنسان عليها فيكفي أن يحرّكنا الجانب الإنساني إذَا لم يعد في العرب جانباً دينياً وأخلاقياً وأخوياً.
إن الخذلان العربي والإسلامي لغزة يشبه إلى حَــدٍّ كبير خِذلانهم للشعب اليمني الذي تعرض لعدوان كوني لم يشهد له التاريخ مثيلاً غير العدوان على غزّة.
لن يجرؤَ العدو الصهيوني على ارتكاب تلك المجازر لو كان العرب والمسلمون محصنين بثقافة القرآن، ولكن ابتعادهم عن تعاليم ديننا الحنيف وانفصالهم عن مبادئه جعلت منهم أُمَّـة لا تحَرّكهم أشلاء الأطفال ودموع الثكالى، ولم تحَرّك ضمائرهم بطون الأطفال الخاوية وما يعانونه من مجاعة لحد الموت جوعاً في الوقت الذي يعاني فيه بعض مجتمعاتنا العربية من التخمة، والتساؤل هنا: متى ينتخي العرب قيم الإسلام وشيم العروبة، متى تتحَرّك ضمائرهم؟!