حُكَّامُ العرب 2024
البيضاء نت |مقالات| عبدالمنان السنبلي
هل تعرفون ما هي مشكلةُ هذا الجيل من حكام العرب؟
أن البعضَ منهم قد تربَّى وترعرع ونشأ في بلاد الغرب، والبعض الآخر قد تربى وترعرع ونشأ على أيدي مربَّياتٍ ومعلِّماتٍ أجنبية..!
هل تعلمون ماذا يعني أن يتربَّى الإنسانُ وينشأَ في بيئةٍ غير بيئته، بيئةٍ غريبة ومختلفة كليًّا عن بيئته، وفي أوساط مجتمعاتٍ غير مجتمعه..؟
يعني أنه يتشرَّبُ ثقافةً أُخرى غير ثقافته، ثقافة وهُــوِيَّة وعادات وقيم هذه المجتمعات والشعوب التي تربى وترعرع ونشأ في أوساطها، ثم بعد ذلك يأتي يريدُ أن يتمثَّلَ بها ويجسّدها في مجتمعه وبيئته، مزدرياً في الوقت نفسه ثقافته الأصلية..
وهذا بالضبط ما حصل مع هذا الجيل من حكام العرب للأسف الشديد..!
تربَّوا ونشأوا في بيئاتٍ ومجتمعاتٍ غربيةٍ غير محافظة، ومنحلةٍ أخلاقياً، ومتفكَّكة اجتماعياً، وخاليةٍ كليًّا من كُـلّ أدبيات ومعاني الغيرة والنخوة والاعتزاز بالنفس والأهل والأنساب وَ…، فتشربوا بذلك هذه الثقافة الغربية التي تشكلت معها شخصياتهم، وتأطرت بها صفاتهم وخصالهم..
لذلك، لا غرابةَ إن وجدتهم اليوم يبدون غير مكترثين أَو معنيين بما يحدث في غزة من جرائم قتل وإبادة وحصارٍ شاملٍ وخانقٍ وتجويع متعمد.
لا غرابة إن وجدتهم يتآمرون مع العدوّ الصهيوني والأمريكي والبريطاني ويتبادلون معهم أنخاب جرائمهم في غزة وفلسطين..
ذلك أنهم لم يكونوا قد حملوا من صفات وقيم ومبادئ الإنسان العربي الأصيل شيئاً.
ذلك الإنسان العربي الذي لا يبالي في أن يضحِّي بنفسه وماله وسلطانه في سبيل أن ينجد ملهوفاً أَو ينصر مظلوما..
لم يحملوا هذه الصفاتِ طبعاً بفعلِ التربية والتنشئة الغربية وَغير العربية التي تربوا ونشأوا عليها كما أسلفنا..
وحده فقط السيد عبدالملك الحوثي من تربى وترعرع ونشأ في بيئته اليمانية العربية الأصيلة، فتشرب ثقافتها، وارتوى من أصالتها وعاداتها وتقاليدها السليمة والمحافظة..
لذلك، لا غرابةَ إن رأيناه اليوم، على قلة الإمْكَانات وشحة الموارد وقسوة الظروف، ينتفض انتصاراً وفزعةً لغزة وفلسطين، ولا يبالي..
ذلك أنه قد حمل من الصفات الإيمانية والقيم والمبادئ والأخلاق العربية والإسلامية النبيلة ما أهلته لأن يتصرف بما يمليه عليه دينه وهُــوِيَّته الإيمانية اليمانية وعروبته الحقيقية..
من هنا ندرك فعلاً كيف أن البيئة تلعب دوراً مهماً في التأثير على ثقافة وانتماء وشخصية الإنسان سلباً أَو إيجاباً، حاكماً أَو محكوماً، وبصورة تجعلنا مطالبين اليوم كعرب وكمسلمين بإعادة النظر في كثير من العادات والممارسات الدخيلة على أوطاننا والمتسللة إلى أعماق أعماق مجتمعاتنا.
والإنسان، في الأخير، ابن بيئته، أَو كما يقولون.
فلتذهب البيئة والمتباكون عليها اليوم إلى الجحيم، إذَا كان في ذلك انتصار لغزة..
يعني: يحسّسونك وكأننا كنا نستفيد من سلامة هذه البيئة البحرية من قبل..!
نسوا أن الشركات البحرية العملاقة الأجنبية كانت تأتي إلى بحارنا وتصطاد ما تشاء، وعلى كيفها، ولا يكلمها أَو يردعها أحد..
ونسوا أَيْـضاً كيف كانت تلك الشركات تقوم بعملية تجريف للشُّعب المرجانية، والتي لا يمكن أن تعوض بمئات السنين، ولا يكلمها أحد..
ونسوا (كمان) ما تقوم به دولة الإمارات من عبث في جزيرة سقطرى وسرقة لمحتوياتها من نوادر الشجر والطيور..
ونسوا ما خلفته أطنان القنابل والصواريخ على اليمن، وعلى مدى تسع سنوات، من ملوثات وسموم بيئة في كثير من المحافظات..
نسوا تلك الكتل الخرسانية الضخمة التي ألقتها بريطانيا قبل مغادرتها عدن في الممر الواقع بين الشاطئ اليمني وجزيرة ميون اليمنية من مضيق باب المندب؛ مِن أجل الدفع بالملاحة الدولية للعبور من الجانب الآخر المشترك بين اليمن وجيبوتي من المضيق لا لشيءٍ سوى رغبة في تدويل المضيق..!
نسوا كُـلّ ذلك، وجاؤوا اليوم يتباكون على البيئة أن أغرقنا سفينة بريطانية في خليج عدن انتصاراً وفزعةً لغزة وفلسطين..!
بالله عليكم،
هل هؤلاء يحملون ذرة من عقل أَو كرامة..؟
لا أدري بصراحة..
قللك بيئة.. قال..