المفاجأة اليمنية
البيضاء نت ||مقالات || أحمد يحيى الديلمي
الحقيقة أننا وصلنا إلى زمن يصعب الحديث عنه خاصة في ما يتعلق بالخيانات والانتكاسات البشرية التي حولت ما حدث في الجانب التكنولوجي والتطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية إلى كوابيس قاتلة يصعب احتمالها أو التعاطي معها .
تحدث دبلوماسي أمريكي سابق عن هذه النكبات وهو يُشير إلى ما يجري في البحر الأحمر، فقال : لقد كان موقف اليمن مفاجأة كبيرة بالذات لأمريكا التي اعتقدت لفترة من الزمن أنها مهدت الطريق لدولة الكيان الصهيوني أن تتصرف بالشعب الفلسطيني كيفما تشاء بعدما دجنت كل القيادات العربية وحولتها إلى مطايا يسهل السيطرة عليها وتوجيه إراداتها ، لكن ما حدث كان بالنسبة لأمريكا بالذات مفاجأة كبرى وغير متوقعة ، لبنان كان التوقع قائم، أما اليمن فلقد ظهرت بمظهر كبير جداً والحقيقة أننا في أمريكا متحيرين جداً كيف أن هذه الجماعة تستطيع الحصول على المعلومات وتحقق الأهداف بدقة متناهية ، بينما أمريكا بما تمتلكه من تكنولوجيا وتطور وأجهزة مخابرات عاجزة حتى الآن عن تقدير ما يمتلكه الحوثي من إمكانيات وكيف يتمكن من الحصول على المعلومات أولاً بأول ويرصد حركة البحار ، ومن ثم يتخذ قرار الاستهداف على أساس سليم وبرؤية فنية متناهية ، هذا ما جاء على لسان الدبلوماسي الأمريكي المخضرم .
ليت العملاء والخونة والمرتزقة الذين لا يزالون ينفخون في أبواق فارغة، ليتهم يفهمون مثل هذا الكلام ويدركون مدى التغيير الذي أحدثه تدخل القوات المسلحة اليمنية ومناصرتها الجدية لمظلومية الشعب الفلسطيني ليبتعدوا قليلاً عن إيران وأسطوانة إيران المشروخة ويدركوا أن هذا الشعب بالفعل تحرر من التبعية واستطاع أن يصل إلى مرحلة التصنيع العسكري المتطور بجدارة وبقدرة فائقة ، وبسرية تامة عجزت أمريكا والمخابرات الأجنبية بشكل عام عن أن تصل إلى أبسط المعلومات في هذا الجانب ، وهذا ما يُقلق دوائر صنع القرار في واشنطن ولندن وغيرهما من العواصم الغربية المشاركة في العدوان أو التي أصبحت شريكاً فعلياً في الدفاع عن دولة الكيان الصهيوني بما تقوم به من أعمال في البحرين الأحمر والعربي بقصد الدفاع عن هذه الدولة وضمان وصول الإمدادات إليها .
على مدى شهور والناطق العسكري الرسمي العميد يحيى سريع يُلحق كل بيان بعبارات مفصلية واضحة تقول أن أمد العمليات العسكرية محدود يتوقف على إيقاف المجازر في غزة ورفع الحصار والسماح بدخول الغذاء والماء والدواء وكل مقومات الحياة إلى المظلومين من أبناء غزة ، هذه العبارة الواضحة يبدو أن الجميع عجز عن فهمها ، وها هي أمريكا وبريطانيا تتورطان في العدوان المباشر على اليمن بدعوى الدفاع عن النفس ، لا أدري أي نفس يدافعون عنها ؟! رغم أنها تبعد عن أقرب ولاية أمريكية عشرات الآلاف من الأميال ، فكيف وصل صدى هذه النفس الخبيثة إلى شواطئ وموانئ اليمن؟! إنه شيء غريب أن تتحول هذه النفس إلى أخطبوط يتشعب في كل مضيق وكل بحر من البحار ، وإلا ما سبب عسكرة البحرين الأحمر والعربي ولما حضرت كل هذه البوارج والمدمرات من أمريكا وأوروبا؟! وهنا لا بد أن نهمس في أذن الأوروبيين ، إذا أرادوا أن تتعرض مصالحهم للاستهداف المباشر فألحقوا بأمريكا وبريطانيا وإلا فإن الملاحة في البحرين الأحمر والعربي آمنة ومحروسة بإرادة الله وبقدرة الأبطال الميامين من أبناء اليمن الميمون ، وهذا ما هو قائم إلا إذا عكرته أمريكا أو بريطانيا لكي تثبت العكس ، ومثل هذه الأقوال والخزعبلات لا شك أنها ستنكشف في يوم ما ويعرف العالم مدى صلافة وغرور أبناء العم سام ، فها هو بايدن بجلالة قدرة- إن كان له قدر وجلال- يتحول إلى مجرد مروج للإشاعات والأخبار الزائفة التي تصدر عن الكيان الصهيوني مثل حالات الاغتصاب المزعومة، وأخيراً ها هو يحاول التخفيف من الضغط الشعبي في أمريكا وفي الأراضي المحتلة بقولة إن أمريكا أعدت خطة للهدنة المزعومة وأن الكرة في ملعب حماس ، كل ذلك ليشعر الشعب الأمريكي بمدى حرصه على إنهاء المجازر البشرية البشعة في فلسطين المحتلة ، هذا آخر ما تفتق عنه ذهن هذا الرئيس العجوز وهو يسبح في تيار الانتخابات ويحاول العودة إلى البيت الأبيض ولو على حساب جثث الأطفال والنساء والشيوخ في فلسطين المحتلة ، وكم هو محزن أن تجري مثل هذه الأمور والعرب خارج نطاق الخدمة لا يقدمون ولا يؤخرون ، وهذه مأساة تُشير إلى نكبات هذا الزمن الغبي وكيف أنه استعبد الإرادات وحولها إلى مطايا سهلة خاضعة لقوة السلاح وإرادة المال المدنس .
نسأل الله النصر والتمكين لإخواننا في غزة ، ولكل الشعوب العربية المظلومة المكبوتة المغلوبة على أمرها ، والله من وراء القصد ..