رسّخوا ثقافةَ العداء
عبدالسلام عبدالله الطالبي
عشرات المقاطع من المشاهد المؤلمة التي يتم تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تظهر مشاهدَ مروعة ومؤلمة تمارس بحق الأطفال والنساء في فلسطين بفعل الجرائم الصهيونية اليومية.
مشاهد مؤسفة تكاد تتقطع لها القلوب، بل يعجز الإنسان عن أن يعبر عما يشاهده، وأكثر ما يزيد الألم والجراح هو عندما يجد الإنسان نفسه عاجزاً عن أن يتخذ موقفًا عمليًّا يسهم من خلاله في دفع المخاطر والتخفيف من معاناة إخوتنا الفلسطينيين.
إضافة إلى الصمت العربي والإسلامي المهين الذي يزيد الطين بلة ويضيف على الجراح جراحاً!
ولكن ما بيدنا كشعب يمني حاضر مع القضية بقوة وثبات وحرص على الحضور اللافت والبارز في المشهد، هو كيف نحوِّل تلك المآسي وتلك المشاهد إلى دروس، وإلى ثقافة تصنَعُ من أجيالنا دروعاً بشرية تحملُ ثقافة العداء للمجرم الأمريكي والإسرائيلي؛ لنجعل من كُـلّ تلك المشاهد الإجرامية موادَّ تدرس وتعرض رغم ما تحمله من آلام على طلابنا في المدارس.
نعم، إنها محطات يجب الحفاظ عليها وأرشفتها وجدولتها بالتاريخ الزمني؛ نصنع منها جيلًا واعيًا ومدركاً لخطورة العدوّ وأنهم لا يريدون لنا أي خير.
لأن الخلل والقصور الحاصل اليوم والذي يظهر عجز وجبن الحكومات العربية والإسلامية والنعاس الطاغي على بعض الشعوب ليس إلا نتيجة لعدم ترسيخ حالة العداء.
بمعنى أننا بحاجة ماسَّة وملحة في هذا الظرف، ومع ما يجري من أحداث ومتغيرات لترسيخ حالة العداء في نفوسنا وفي كُـلّ الأوساط؛ ليتصدر الوسط التربوي والتعليمي الأولوية القصوى لضمان بناء شعب متماسك وواع ومتحصن تعلم من مثل هذه الدروس والأحداث واستفاد من كُـلّ ما عرض عليه وما رآه ماثلاً أمام عينيه.
التأثر اللحظي لا يجدي، إذَا ما قدمنا هذه المشاهد المؤلمة بمثابة حصص دراسية تدرّس لأجيالنا في المدارس لتعزز في نفوسنا حالة الاستعداد لمواجهة أعداء الإنسانية.
وإلا لماذا فقدت الشعوب إنسانيتَها وقبلت بالصمت والخنوع تجاه كُـلّ ما يجري من جرائمَ بحق الإنسانية في فلسطين ولبنان اليوم؟!
الجواب واضح هو عندما غابت عن الساحة العربية والإسلامية حالةُ السخط وحالة الترسيخ والعداء لليهود والنصارى، الذين أمرنا الله في كتابه الكريم بمعاداتهم (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ) من سورة المائدة- آية (82).
وهنا فَــإنَّ الجميع معنيون في الجهات ذات العلاقة في الحكومة اليمنية، وكلّ الحكومات والشعوب العربية والإسلامية بتعزيز حالة اليقظة والشعور بالمسؤولية والتحَرّك الجاد في تعميم حالة الوعي واستشعار خطورة التقصير والتخاذل، والله من وراء القصد.